ماتا امريتانندامايي
ولدت أمّا (ماتا امريتانندامايي) في السّابع والعشرون من أيلول/سبتمبر سنة ١٩٥٣ في قرية بارياكادفو وهي قرية صيّادي سمك في ولاية كيرلا في الهند. في التّاسعة من عمرها، وبسبب مرض أمّها، أجبرت على ترك المدرسة لتقوم بأعمال المنزل وكانت تقوم بها بفرح.
منذ طفولتها، تصرّفت أمّا تصرفاً فريداَ فكانت تردّد إسم الله دائماً وغالبا ما كان يجدها أهلها غارقة في تأمل عميق وذلك على عكس اترابها الذين لا يفكرون عادة إلا باللعب. ولكن، بسبب جهلهم، لم يفهم أهل أمّا تصرفاتها، وكانوا غالبا ما يعاقبونها. لكن أمّا كانت مغمسة في عالمها الخاص، غير متأثرة أبداً بانتقادات عائلتها. وكان عليها أن تمضي بعض الأيام والليالي في الهواء الطلق دون طعام أو نوم.
حين كبرت، تعاظمت اختباراتها الروحية فإنجذب بعض الناس إليها لأنهم لاحظوا السلام والألوهية فيها. في تلك الفترة (في عشريناتها)، نُسِبَت عدّة شفاءات عجائبية لها، ولكن، عن ذلك، تقول أمّا “لست مهتمّة في صنع العجائب، أنا هنا لأساعدكم لتجدوا الحقيقة ولتحرّروا أنفسكم (أرواحكم) من خلال تحقيق طبيعتكم الأزلية.”
في نهاية عام ١٩٧٩ طلبت مجموعة من الشباب تكريس نفسها للعمل الروحي بجانبها، وهذا ما كوّن نواة أشرم (جمعية روحية) غير رسمي.
إن رسالة أمّا الأولى هي إعطاء محبة غير مشروطة للجميع. بالرغم من إتباعها للتقاليد الهندوسية، حين تُسأل أمّا عن ديانتها تجيب “إن ديانتي هي المحبة والخدمة.” فمع أمّا، المحبة والخدمة لا تنفصلان، وهي تعلّمهما من خلال مثال حياتها، حيث تعمل شخصياً أحياناً عشرين ساعة في النهار أو أكثر مقدمةً نموذجاً حياً لهذه التعاليم. مع زيادة عدد اتباعها، أسّست أمّا مجموعةً كبيرة من المشاريع الخيريّة كمستشفيات، ومياتم، ومدارس، وجامعات، وتشييد منازل للذين دون مأوى، وتدريب عمل، وغيرها كمشاريع المساعدة الكبيرة بعد التسونامي في ٢٠٠٥ بالتعاون مع الأمم المتحدة.
حالياً، تسافر أمّا حول العالم لإعطاء محبّتها على شكل غمرة حميمة لكل الذين يبحثون عن بركتها، وهذا ما أعطاها لقب “القدّيسة الغامرة” في وسائل الإعلام العالمية. مؤخراً، ألقت أمّا خطابات في الأمم المتحدة وبرلمان أديان العالم ومبادرات السلام العالمي للنساء المتديّنات والقادة الروحيّين. وفي عام ٢٠٠٢،كرمت أمّا بجائزة غاندي-كينغ لل”لاعنف”.
عندما نتأمّل تعاليم أمّا، يمكننا ان نرى أن حياتها حقاً هي رسالتها. حين نرى كيف تعيش أمّا وما هي الأعمال التي تقوم بها يومياً، يمكننا أن نتأكد أنها حقاً تمارس ما تتكلم عنه
وتبشّر به. تتلخص رسالة أمّا في تعليمَين: المحبّة وخدمة الأخرين.
خلال الدارشان (الغمرة)، تقدّم أمّا أحد أبسط وأعمق رموز الحبّ والمحبّة. فالمحبّة هي حبّ الأخرين دون ألسعي الى مقابل، ودون أي تميّز ناتج عن الجنس، العرق، العمر أو غيره.
حياة أمّا كلّها خدمة للآخرين مترفعة عن أية غاية، فهي لا تطالب لنفسها بشيء. “إن جمال وسحر المحبّة المتجرّدة عن أي هدف، يجب أن لا يختفيا عن وجه الأرض. يجب أن يدرك العالم أن حياة التجرد عن الأغراض ممكنة، وأن حياةً مُلهَمَة بالحبّ وخدمة الآخرين ممكنة.” هذه هي كلمات أمّا وهكذا هي حياتها منذ ثّلاثة عقود.
إنّ أحد أهم تعاليم أمّا هو التقيّد بمبدأ ال “دهارما” (ألحقّ أو مسلك ألحقّ) في جميع ظروف الحياة. الدهارما هي التصرّف وفقاً لميزات روحيّة ومبادئ نبيلة. تقول أمّا أن واجبنا الأول في الحياة هو مساعدة جميع من حولنا وأن نقوم بأعمالنا بحق. تقوم ألدهارما أيضاً على أن ننفّذ أعمالنا هذه دون السّعي إلى أو توقّع نتيجةٍ أو إكرامٍ معيّنين. فنتمّم واجبنا ونترك النتيجة بأيدي الله وحده.
من خلال محبّتها وتعاليمها ومثالها الحيّ، ألهمت أمّا مئات آلاف النّاس في الهند وفي جميع أنحاء العالم وهي تقودهم الى سلوك طريق ألحقّ والمحبّة والعمل المترفع عن أية غاية شخصيّة.